التقرير الاول

ورشة تدريب مدربين في تحليل الموازنات العامة من منظور حقوق الانسان



اخر خبر : انتهاء أعمال ورشة تدريب المدربين في تحليل الموازنات العامة من منظور حقوق الانسان في الفترة من 24 الي 26 مارس 2012 بالخرطوم

انجازات المرحلة التمهيدية لمبادرة مرصد البرلمان 2010 - 2011:تنفيذ حزمة أنشطة تدريبية لبناء القدرات والتوعية في مجال مراقبة الاداء البرلماني

السبت، 28 أبريل 2012

المرصد يصدر التقرير الأولي عن مراقبة اداء البرلمان في مجال الموازنة العامة



في هذا السياق  ابتدر مركز الشرق للثقافة والعون القانوني  انشطته  بالشراكة مع مؤسسة فريدرش ايبرت في مجال  بناء قدرات منظمات المجتمع المدني لمراقبة أداء البرلمان عقب انتخابات ابريل 2010 ، عبر  تقديم  حزمة مترابطة من الورش التدريبية TOTs والمنتديات وحلقات النقاش التي استهدفت منظمات المجتمع المدني  التي نشطت في مراقبة الانتخابات تحت مظلة المنبر السوداني لمنظمات المجتمع المدني (شمس) وغيرها ، ومن بين المشاركين  في هذه الانشطة نبعت مبادرة (مرصد مراقبة البرلمان السوداني) .
في العام 2011 تم  تركيز المبادرة   لرصد اداء  البرلمان في مجال الموازنة العامة ، وتتويجاً  لانشطة  المبادرة  حول مراقبة الموازنة العامة  والتي اشتملت علي  ورش تدريبية  ومنتديات وحلقات نقاش شارك فيها  برلمانيون واعلاميون واكاديميون  ، وكاحدي مخرجات هذا الجهد   قام فريق عمل متعدد التخصصات  بمهمة اعداد هذا التقرير الافتتاحي لانشطة مبادرة مرصد البرلمان السوداني .
 
مبادرة مرصد البرلمان السوداني :
نبعت هذه المبادرة  من فهم أن الديمقراطية ليست عملية ميكانيكية، يبدأ و ينتهي فيها دور الشعب بالإقتراع بصوته، و إنما الديمقراطية عملية متواصلة من العطاء الشعبي النشط،  و أن الشعب لا يتنازل عن حقوقه بإختيار ممثليه في البرلمان، بل إن دوره الإيجابي يتزايد بعد إنتهاء مرحلة إختيار الممثلين البرلمانيين، ليمتد فيشمل مراقبة أداء البرلمان لمهامه ، وكما أكدت التجارب أن بناء الديمقراطية الصحيحة هو عملية تتجاوز مجرد اجراء  الانتخابات ، ولذا فان   منظمات المجتمع المدني  كما انها  تركز أنشطتها  من أجل  ضمان نزاهة وديمقراطية  الانتخابات ،  فانها  تتبع  ذلك بانشطة  أخري  متنوعة  في مرحلة مابعد الانتخابات ،  وفي هذا السياق اكتسبت  عملية  الرقابة على الأداء البرلماني، فعاليتها  في تعزيز و تنمية الديمقراطيات الناشئة، و هي في صورتها الشعبية (صورة الرقابة عبر منظمات المجتمع المدني) تعبير عن وعي الأفراد بمتطلبات بناء الديمقراطية، و هي كذلك تعبير عن إيمان بالديمقراطية ووسائلها.
اهداف مرصد البرلمان السوداني  :
يهدف مرصد البرلمان السوداني  في هذه المرحلة  الى تحقيق الاهداف التالية :
  •   رفع مستوى الوعي الشعبي بأهمية مراقبة الموازنة العامة للدولة ، و تفعيل دور ممثلي الشعب في البرلمان الإتحادي و البرلمانات الولائية في مراقبة الموازنة العامة.
  •   تحديد أليات شعبية و مؤسسية لمراقبة الموازنة العامة، و الصرف الحكومي، بحيث تحد من تفشي الفساد.
  •    تأسيس رقابة شعبية فعالة لأداء  البرلمان لوظيفته في مراقبة الموازنة العامة .
  •      نشر تقارير دورية ، مهنية و محايدة ، في مراقبة أداء البرلمان في الموازنة العامة
النتائج المتوقعة من  مبادرة  مرصد البرلمان السوداني  :
  •   أن يتم  تعزيز مفاهيم الديمقراطية و المشاركة الشعبية والمواطنة الفعالة .
  •   أن يرتفع مستوى الوعي الشعبي بدور البرلمان في إجازة و مراقبة الموازنة العامة
  •  ان يرتفع مستوي المشاركة والتنسيق بين البرلمانات و مؤسسات المجتمع المدني في موضوع مراقبة الموازنة العامة للدولة
  •   أن يتم   تفعيل نظرية مراقبة السلطات العامة لبعضها البعض، إنطلاقاً من إستقلالية تلك   السلطات و من مبدأ  الفصل بين السلطات
  •   أن يتم اصلاح قانوني ومؤسسي لضمان  الشفافية و  المساءلة و المحاسبية و  محاربة  الفساد الحكومي.
منهجية اعداد هذا التقرير :
هذا التقرير هو  أول  تقرير  لمراقبة الأداء البرلماني حول الموازنة العامة تصدره منظمات مجتمع مدني في السودان ، و هو لإبتدار أعمال المبادرة بصورة مهنية، تحلل الواقع القانوني/الدستوري و السياسي الذي يعمل في ظله البرلمان القومي و البرلمانات الولائية في السودان في ظل دستور عام 2005 الإنتقالي.
لغرض هذا التقرير   تم جمع البيانات من تقارير المجلس الوطني  وموقعه الالكتروني  ووسائل الاعلام المختلفة والمقابلات الشخصية وحلقات النقاش ، و استخدم فريق الرصد  المنهج العلمي/التحليلي  لبحث  الروابط والتفاعلات بين العناصر التي تتألف منها  العمليات  البرلمانية  للمجلس الوطني  في مجال الموازنة العامة لتقديم  صورة عامة  للبرلمان ومستوي  ادائه في هذا المجال  بشكل منهجي  ملائم
هذا التقرير   يقدم   نظرة عامة عن  الاقتصاد وتحديات الموازنة العامة للدولة   في سودان مابعد انفصال جنوب السودان  ، ومن ثم   يقدم  معلومات  وملاحظات  حول الاطار التشريعي لعمل البرلمان في مجال الموازنة العامة وفقاً لدستور السودان  ولائحة عمل المجلس الوطني  الحاليين  ، ويبحث حول تجربة  اداء  البرلمان الحالي  في مجال الموازنة العامة  ، و في ضوء ذلك   يقدم  مقترحات وتوصيات لتطوير العمل البرلماني في هذا المجال
فيما يلي أدناه نستعرض التقرير وفق الترتيب أدناه:

الفصل الأول
نظرة عامة عن  الاقتصاد وتحديات الموازنة العامة للسودان
 مابعد انفصال جنوب السودان
يقدم  هذا الفصل  نظرة عامة حول الاقتصاد السوداني   في ضوء الاثار المترتبة  علي  انفصال جنوب السودان ، وذلك من خلال  تقديم لمحة عن   أداء الاقتصاد السوداني ،  بهدف  عرض  مشاكل الاقتصاد السوداني، ومحاولة  تحديد آثار الانفصال  علي الوضع الاقتصادي والمالي والإنمائي ، والذي دون شك يؤطر  عملية اعداد وتنفيذ  الموازنة العامة  للدولة ويعطي خلفية عامة عن الظروف العامة المؤثرة .
أولاً :  لمحة عامة عن الاقتصاد السوداني :
  •  تضاعف حجم الاقتصاد الوطني في العام 2010 بأكثر من خمسة أضعاف حجمه خلال عقدين بمقياس الناتج المحلى الاجمالى نتيجة الاستفادة الجزئية من إمكانيات السودان النفطية  ، و تدفق  الاستثمارات الخارجية خاصة في قطاع البترول حيث بلغت استثماراته 16.1 مليار دولار مما أحدث حراكاً واسعاً في الاقتصاد الوطني ، وقد بلغ متوسط معدل النمو في الناتج المحلى الاجمالى 7.2% خلال العشرة سنوات السابقة ويعتبر ذلك من المعدلات العالمية العالية.
  •   شهدت معدلات التضخم استقراراً في حدود 7% خلال الفترة 2000 - 2007 تم بدأت في الارتفاع منذ العام 2008 متجاوزة الخانة العشرية الواحدة ، كما تضاعفت الإيرادات العامة أكثر من أربع مرات منذ العام 2000م.
  • صاحب ذلك  تطورات موازية في الاقتصاد العالمي والاقليمى تتمثل في استمرار تداعيات الأزمة العالمية ، ارتفاع أسعار الغذاء وأسعار المواد البترولية - استمرار الدول ومؤسسات التمويل الغربية في ربطها منح التمويل وتدفق الاستثمارات بالمواقف السياسية ، اضافة الي الاثر الاقتصادي للتحولات السياسية في المنطقة العربية.
ثانياً  : مشاكل وتحديات الاقتصاد الوطني :
  •   تزايد الإنفاق الحكومي على المستوى الاتحادي والولائى.
  •   ضعف الإنتاجية.  
  • تراجع الجهد المالي والضريبي للدولة بعد دخول الإيرادات البترولية حيث وصلت نسبة مساهمتها إلى 45% من إجمالي الإيرادات
  •   مشاكل عدم الالتزام والتقيد بالصرف في حدود الموازنة المجازة.
  •   التوسع في الأنفاق العام وتركيز الصرف الجاري على متطلبات المحافظة على السلام والاستقرار على حساب الصرف على القطاعات التنموية وبالتالي تم اللجوء إلى الاستدانة وتضخمها.
  •  الاعتماد على القروض الخارجية قصيرة الأجل لتمويل التنمية بديلاً عن القروض الميسرة والموارد الذاتية بسبب استمرار الحصار الاقتصادي، وارتفاع تكلفة التمويل في الاقتصاد وبالتالي ارتفاع تكلفة أنتاج تكلفة السلع والخدمات.                           
  •   الاختلالات في الميزان التجاري وعجز ميزان المدفوعات نتيجة للاعتماد على سلعة البترول كمصدر أساسي لموارد البلاد من النقد الأجنبي مع عدم تطور عائدات الصادرات غير البترولية والزيادة الكبيرة في الواردات خاصة السلع الكمالية والزيادة الملحوظة في تحويلات العمالة الأجنبية وأرباح الاستثمارات للخارج.
  •   ضعف معدل أداء القطاع الزراعي والصناعي الذي أنعكس على تراجع أهداف الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية كالقمح والسكر والزيوت النباتية بسبب ضعف الإنتاجية والتمويل والتشوهات الهيكلية في القطاعات الإنتاجية.
  •   ارتفاع وتراكم الدين الداخلي بسبب ازدياد الأنفاق الحكومي وتراكم عجز الميزانية.
  •   اختلال التوازن في توجه الاستثمارات الداخلية والخارجية لصالح قطاع الخدمات والعقارات وسلع الاستهلاك الكمالي بدلاً عن الإنتاج للصادرات وبائل الواردات.
  •     تراجع تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة في مفاصل الاقتصاد الوطني بسب تداعيات الأزمة المالية العالمية على المستثمرين خصوصاً من دول الخليج والتوقعات بعدم الاستقرار الداخلي نتيجة لانفصال الجنوب.
  •   ضعف التمويل المصرفي التنموي الموجه للقطاعات الإنتاجية( الزراعي والصناعي).
  •   الانعكاس السالب للتجمعات الاقتصادية الإقليمية (الكوميسا، المنطقة العربية الحرة) على تطور القدرات الإيرادية.
  •   تآكل إحتياطيات البلاد من النقد الأجنبي وانعكاسات ذلك على عدم استقرار سعر صرف العملة الوطنية والذي نتج من تزايد الطلب عليها بسبب الشعور بعدم التيقن من مآلات الانفصال واستخدام العملات الحرة كمخزون للقيمة.
  •   ارتفاع الضغوط التضخمية نتيجة للتوسع النقدي الذي حدث في السنتين الماضيتين. 
ثالثاً  :  الوضع الاقتصادي ما بعد انفصال الجنوب:
  • أدى استبعاد عائدات بترول الصادر عجز في موقف النقد الاجنبى بحوالي 7 مليار دولار في العام 2011 ، وسيتزايد هذا العجز تباعاً وليس هناك أي جهة خارجية يتوقع أن تساعد في تغطية هذا العجز بالكامل ، اضافة إلى ذلك يتوقع أن يرتفع عجز الموازنة العامة للدولة وتبعاً لذلك ترتفع معدلات التضخم وينخفض سعر الصرف.
  • المحصلة النهائية هي عبارة عن ارتفاع العجز في ميزان المدفوعات وهذا يعنى تآكل احتياطات البلاد من النقد الاجنبى وينتج عن ذلك انخفاض سعر صرف العملة الوطنية وزيادة الضغوط التضخمية،مما يزيد الوضع تعقيداً أن يؤدى ذلك إلى عدم الاستقرار الاقتصادي مما يقود بدوره إلى حالة الركود التضخمي والدخول في حلقة مفرغة قد تنتج عنه أوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية سالبة.
  • ارتفاع معدل نمو الكتلة النقدية في الاقتصاد بشكل كبير وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض سعر العملة الوطنية بصورة متصاعدة فضلاً عن التفاعلات الديناميكية للتغيرات في عرض النقود وسعر الصرف والتضخم والعجز في الموازنة العامة ، سوف يولد ذلك أوضاعاً اقتصادية بالغة التعقيد وبالتالي هناك آثار سياسية واجتماعية تؤدى إلى تهديد الاستقرار الاقتصادي .
رابعاً :  أبرز مظاهر هذه الاثار علي قطاعات  الاقتصاد السوداني[1] :
  •   القطاع الإنتاجي و الموارد : يتمثل الاثر في فقد  الموارد الطبيعية لجنوب السودان ، والموارد البشرية لجنوب السودان ، وكذلك  في  التهديد الأمني للجنوب الجديد .
  •   القطاع الخارجي (موقع الأثر المباشر)  ويتمثل ذلك في اختلال الميزان التجاري و ظهور عجز كبير بسبب انخفاض عائد صادرات البلاد من البترول وتدنى موارد البلاد اللازمة للمحافظة على واردات السلع الضرورية والاستهلاكية والرأسمالية ومقابلة زيادة أسعارها العالمية -  تزايد عجز الحساب الجاري وارتفاع عجز ميزان المدفوعات الكلى -   استمرار انخفاض معدل تدفق الاستثمارات الخارجية إلى الداخل -  ازدياد الآثار السالبة لتوسع السوق الموازى مما يؤدى إلى استمرار الضغوط على قيمة العملة الوطنية وتدهور سعر الصرف - انخفاض احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية وضعف القدرة على التحكم في تدفقاتها من  الخارج.
  •   القطاع النقدي : ويتمثل التأثر في  زيادة كبيرة في معدل نمو الكتلة النقدية وارتفاع معدلات التضخم.
  •    القطاع الاجتماعي :  ازدياد الضغوط على مستوى المعيشة جراء ارتفاع أسعار السلع الرئيسية وانخفاض القوة الشرائية للدخول - انخفاض الأنفاق على الخدمات الضرورية والاجتماعية. 
  •    القطاع المالي (الموازنة العامة للدولة) :  حدث  انخفاض في الإيرادات العامة للدولة جراء انخفاض عائدات البترول بدءاً من النصف الثاني من العام 2011م ، ينتج عن ذلك   خفض تمويل مشروعات التنمية والتحويلات للولايات بسبب انخفاض الإيرادات العامة، مما يؤدي الي ارتفاع العجز الكلى للموازنة بنسبة كبيرة مع توقع ازدياد الفجوة التمويلية الناتجة عن قصور مصادر تمويل العجز الكلى ، وارتفاع حجم الدين الداخلي والخارجي.

وثق (مرصد البرلمان السوداني )  أن انفصال جنوب السودان قد  فاقم من أزمة  الاقتصاد السوداني  وأن اعلان الحكومة عن برنامج  اسعافي  لمواجهة هذه الاثار عمل  يتصف بضيق الأفق الاستراتيجي  الأمر الذي أدي الي اعتماد  الموازنة العامة علي توقعات غير واقعية  كتوقع  استمرار تصدير بترول جنوب السودان عبر أراضي السودان .

الفصل الثاني
الاطار التشريعي  لدور البرلمان  في مجال الموازنة العامة

تلعب الموازنة العامة  دور محوري وحيوي  في عملية تنفيذ السياسات والبرامج من خلال عملية  تخصيص و توزيع الموارد / الثروات ، عليه كان لزاماً ان يلعب البرلمان - و بوصفه (مجلس الشعب) -  دوراً  في الرقابة علي عمليتي اعداد وتنفيذ الموازنة العامة ، وفي هذا السياق يكون المجلس الوطني  وفقاً  لدستور السودان الإنتقالي لسنة 2005مختصاً  بإجازة الموازنة السنوية القومية  ، كما  يقوم المجلس الوطني كذلك  بمهمة مراقبة أداء السلطة التنفيذية القومية لأعمالها، و قد تناول الدستور هذا الجانب في العديد من الجوانب، نلخص أهم تلك الجوانب فيما يلي: 
  •   مراقبة تخصيص السلطة التنفيذية للموارد و العائدات القومية، إذ قرر الدستور لزوم عرض الموازنة على الهيئة التشريعية قبل بداية السنة المالية للمصادقة عليها[2].
  •    طلب مثول أي وزير أمام البرلمان لتقديم تقرير أو إفادات عن أداء الوزارة بخصوص موضوع معين[3]. فضلاً على أنه من حق أي عضو التقدم بطلب إستجواب أي  وزير بخصوص أي موضوع يدخل بحكم الإختصاص ضمن مسؤوليات الوزارة[4].
  •     يحق للبرلمان  في أي وقت أن يطلب إستدعاء أي موظف عام (أو أي شخص) لتقديم أي إفادات حول أي موضوع يتعلق بكيفية أداء الحكومة لأعمالها[5].
  • يتمتع البرلمان في مواجهة السلطة التنفيذية، بحق مراجعة و تعديل و المصادقة على كافة اللوائح و النظم و كافة القوانين الفرعية التي تصدر من السلطة التنفيذية[6].
  •   يتمتع البرلمان بسلطة تكوين لجان خاصة، أو أن يقوم بتكليف لجنة من لجانه، لفحص أي نشاط يتعلق بالمصالح الإدارية أو المؤسسات العامة أو أي جهاز تنفيذي أو إداري أو أي مشروع من المشروعات العامة، وذلك من أجل تقصي الحقائق و إبلاغ البرلمان  بحقيقة الأوضاع موضوع التحقيق، وتقديم المقترحات و التوصيات.
  •     يتمتع البرلمان بحق أن يوصي لرئيس الجمهورية بعزل الوزير القومي إذا اُعتبر فاقداً لثقة المجلس الوطني.                                                               
وفيما يلي  عرض لوسائل الرقابة التشريعية وإجراءاتها [7]  وملاحظات عامة عليها :
تقارير الأجهزة الدستورية :
يقوم ديوان المظالم العامة و ديوان المراجعة القومى والأجهزة القومية الأخرى التي تنص قوانينها على تقديم تقارير للمجلس الوطني  بتقديم تقاريرها الدورية عن الأداء العام لها، كما يجوز للمجلس ان يطلب من هذه الأجهزة تقديم تقارير حول مواضيع بعينها  ، و  تحال التقارير للجان المختصة لدراستها ورفع توصياتها للمجلس لإتخاذ القرارات المناسبة بشأنها  ، و يشكل المجلس لجنة طارئة للتأكد من إنفاذ قراراته بشأن تقارير الأجهزة الدستورية.

المرصد  يري أن إستقلالية السلطة التشريعية - كممثل للشعب - عن السلطة التنفيذية هو المدخل الصحيح الوحيد لتفعيل مراقبة البرلمان للموازنة العامة. و لما كانت تلك الاستقلالية غير متحققة بالصورة المطلوبة ، فإن تجربة مراقبة الموازنة العامة بواسطة البرلمان كانت على الدوام ضعيفة طوال سنوات سريان دستور 2005 ، و لتجاوز هذا الواقع لابد من تفعيل المواد القانونية و اللآئحية التي تدعم إستقلالية البرلمان و تنشط دوره الرقابي في مواجهة السلطة التنفيذية، و القيام بتعديلات تشريعية تغطي الفراغات المؤثرة في هذا الصدد.   

العريضة أو الشكوي :
 يجوز لأي منظمة غير حكومية معترف بها قانوناً أن تتقدم بعريضة أو شكوى للنظـر في أي قضية والإلتماس من المجلس بشأنها علي أن تنطوي القضية علي مصلحة عامة غير شـخصية وألا تكون بشـأن من اختصاص أي سلطة محلية أو ولائية ، و تقدم العرائض أو الشكاوى للأمين العام وفق النظم التي يحددها ثم تعرض علي الرئيس فإذا قرر أنها مناسـبة لنظر المجلس تدرج في جدول الأعمال لتقديمها للمجلس بإيجاز بواسطة الرئيس أو أي عضو آخر ويجوز للرئيس عند تقديمها أن يأذن بتداول مباشر حولها أو أن يحيلها إلي لجنة مختصة.

المرصد  يري أن وجود آلية الشكوى و الإلتماس في نظام المجلس الوطني السوداني تؤكد على الإعتراف بدور الشعب و دور منظمات المجتمع المدني في تبصير البرلمان بهموم الشعب  و قضاياه، و هذه الآلية تكاد تكون أحد وسائل التواصل بين البرلمان و الشعب. إلا أن التجربة العملية للبرلمان السوداني لم تشير إلى أن تلك الآلية قد تم إستخدامها بالصورة التي تحقق الغرض الذي من أجلها أنشئت، مما جعل البرلمان مؤسسة فوقية لا تتصل بالشعب إلا تقتضي الحاجات السياسية و ليس لتلبية هموم الناس و لم تتجسر العلاقة بين البرلمان و منظمات المجتمع المدني.

المسائل المستعجلة :
يجوز للعضو قبل بدء الجلسة أن يطلب من الرئيس كتابة إثارة مسألة عامة مستعجلة ليحيط بها المجلس علماً أو أن يطلب إحاطة الوزير علماً بها وإلتماس إجابته بشأنها ، فإذا أذن الرئيس بذلك فيسمح للعضو بإثارتها والإدلاء بشرح موجـز لحيثياتها ومقتضياتها وله أن يسمح بتداول موجز لها ، و يجـوز للوزير المخاطب بالمسألة المستعجلة أن يدلي بالإجابة مباشرة أو أن يطلب تأجيلها لمدة لا تتجاوز يومين أو لأول جلسة راتبة تالية.، كما يجوز للرئيس تحويل أي طلب بمسألة مستعجلة للوزير إلي سؤال ويخطر مقدم الطلب بذلك ويجوز له أن يقرر إحالة الطلب وأي إجابة عليه إلي اللجنة المختصة. ، كما يجوز للرئيس أن يسمح بإثارة أي مسألة أو مسائل عامة مستعجلة إرتجالاً وبالتداول فيها  إذا فرغ المجلس من أعماله المدرجة في الجدول قبل الساعة الراتبة لانتهاء الجلسة.  ، ولكن  لا يجوز تقديم إقتراح بإتخاذ أي قرار موضوعي في هذه المرحلة من أعمال المجلس
الاسئلة :
يجـوز للعضو أن يوجه للوزير أي سؤال في أي من الشـؤون العامة التي تدخل في إختصاصه وتتصل بمهام المجلس للإستفسار عن أي أمر يجهله ، أو للتحقق من حدوث أي واقعـة نمت إلي علمه ، أو للإستفسار عن التدبير الذي تنويه الحكومة في أي من الأمور المعنية . ، بينما   لا يجوز أن يكون السؤال متعلقاً بمصلحة خاصـة ، أو ذا صفة شخصية أو محلية أو ولائية بحتة  ولا ملتمساً لفتوي فقهية أو قانونيـة أو متعرضاً لمسـألة أمام القضاء أو النيابة العامة ويجـب أن يكـون واضحاً وقاصراً علي الأمور المراد الإستفهام عنها ، بدون إي تعليـق وخالياً من العبارات الإستنكارية أو غير اللائقة . ، حيث  تقدم الأسئلة كتابة إلي الرئيس وتسجل وفقاً لتاريخ ورودها ، وفقاً لمعايير وشروط حددتها لائحة اعمال المجلس .
الإستجـواب
يجوز لعشرين عضواً أن يتقدموا إلي الرئيس بطلب كتابي لإستجواب الوزير حول أي سياسـة أو مسألة عامة يختص هو بها وتتصل بمهام المجلس ويوجـه الرئيس صورة من الطلب إلي الوزير ويحدد بالتشاور معه موعداً في جدول الأعمال للإستجواب في خلال أسبوعين من علم الوزير ، و في اليوم المحدد للإسـتجواب وفي نهاية مرحلة الأسئلة يقدم أحـد الأعضـاء المعنيين مضمون الإستجواب ببيان موجز ، ثم يجيب الوزير ويفتح الباب لأي أسئلة فرعية أو تعليقات موجزة يجيب عليها الوزير ، و يجوز لأي عضو عند انتهاء الاستجواب وقبل الإنتقال إلي عمل آخر أن يتقدم بمشروع قرار برفع توصية لرئيس الجمهورية بعزل الوزير إذا اعتبر فاقداً لثقة المجلس ويدرج المشـروع في أعمال الجلسة العادية التاليـة للمداولة ، .و إذا أجيز مشروع القرار بعد المداولة بأغلبية نصف أعضاء المجلس فعلي الرئيس أن يرفعه برسالة إلي رئيس الجمهورية
الإستدعاء العام والتحقيق:
يجوز للمجلس أو لأي من لجانه استدعاء أي موظف عام ، أو أي شخص آخر باستثناء رئيس الجمهورية ونائبيه للإدلاء بشهادة أو إبداء رأى للمجلس أو لاى من لجانه ، و لا يجوز للمجلس التحقيق في أي مسألة تقع ضمن المسؤولية المباشرة للسلطة التنفيذية القومية إلا بعد إخطار رئيس الجمهورية.
المرصد  يري  إن النظام بحسب دستور 2005 يتيح للبرلمان أن يثير بعض المسائل المستعجلة، و أن يوجه الأسئلة للحكومة، و أن يستدعي أن موظف عام أو أي شخص  من خلال طلب أحد النواب. و تستخدم تلك الآليات بواسطة البرلمانات الديمقراطية لمراقبة الأداء الحكومي بشكل عام و لمراقبة الموازنة العامة  و موضوعات محاربة الفساد بواسطة البرلمان.
إن التجربة البرلمانية السودانية في ظل دستور 2005 ، كشفت أن  الوزراء في السلطة التنفيذية لا يستجيبون لطلبات البرلمان لتقديم توضيحات أو للإجابة على أستفسارات النواب، و في العديد من الحالات كانت مثل تلك الطلبات مثار سخرية الوزراء و كانوا يعلنون عدم رغبتهم في التعاون مع البرلمان علانية في الصحف مما كان يؤشر مدى ضعف العلاقة الرقابية بين البرلمان و السلطة التنفيذية.
المرصد  يري أن هذا الدور الفاعل للبرلمان  في مراقبة أداء السلطة التنفيذية، هو دور نابع من مبدأ (الفصل بين السلطات)، و هو دور أساسي في بناء و ترسيخ الديمقراطية. و متى إختل هذا الدور في عملية المراقبة، يكون البرلمان مجرد إطار ديكوري في نظام ديكتاتوري  كما يري  ان تتم الاصلاحات التشريعية المتعلقة بالموضوعات التالية:
1)   اللوائح البرلمانية المتصلة بإستدعاء الوزراء و الموظفين الحكوميين بواسطة البرلمان.
2)   الموضوعات المتصلة بحصانات المسئوليين الحكوميين و البرلمانيين.
3)   الموضوعات المتصلة بحرية إنتقال المعلومات و الحصول عليها من مصادرها الحكومية
4)  الموضوعات المتصلة بحرية نشر المعلومات و تداولها لا سيما تلك المتصلة بالمحسوبية و الفساد المالي الحكومي.
5)   الموضوعات المتصلة بحرية نشاط منظمات المجتمع المدني.

سجل المرصد ملاحظة عامة  أن كثير من  البرلمانيين ما عادوا يخشون مساءلة الناخبين من خلال الانتخابات بقدر ما يخشون الحكومة. وإذ ذاك، نراهم يذعنون لموقع الحكومة بدلاً من أداء دورههم الفعلي الذي يفرض عليهم التحدث باسم المواطنين والتصويت وفقاً لرغباتهم.

الفصل الثالث
اداء البرلمان في مجال الموازنة العامة
يتناول هذا  الفصل   دور البرلمان  في  جميع  مراحل دورة  الموازنة العامة   بغرض استكشاف نقاط  القوي والضعف واقتراح الحلول المناسبة  ذات  الصلة بدور البرلمان في هذا المجال ،  وذلك   بتركيز علي  أهمية  و  ضرورة  اصلاح  نظام ادارة المالية العامة في السودان  ، وتفعيل  دور البرلمان  في تطبيق  الفيدرالية المالية و في  تطبيق الشفافية والمساءلة  ومدي فعاليته في  محاربة الفساد.
 بادي ذي بدء  لابد من الاشارة الي دور البرلمان و الانشطة التي يقوم بها  في مجال الموازنة العامة والتي يمكن تصنيفها الي : انشطة قبلية وبعدية ، حيث نعني  بالانشطة القبلية تلك  الانشطة  التي يقوم بها البرلمان  قبل الصرف( أي قبل القيام بعملية الإنفاق) فالحكومة ،  وحسب دستور السودان الانتقالي لسنة 2005 يعهد رئيس الجمهـورية للجهة المختصة بتقديم مشروع الموازنة القومية للدولة إلي البرلمان (المجلس الوطني) قبل بداية السنة المالية، ويشتمل ذلك على تقويم عام للموقف الاقتصادي والمالي للبلاد ، وتقديرات مفصلة للإيرادات والمصروفات المقترحة للسنة القادمة مقارنة إلي واقع السنة المالية المنصرمة ، بالاضافة الي بيان حول الموازنة العامة وأي أموال احتياطية أو أي تحويلات إليها أو تخصيصات منها، وإيضاحات لأي موازنات خاصة أو بيانات مالية أو سياسات أو تدابير تتخذها الدولة في الشئون المالية والاقتصادية للبلاد في إطار الموازنة القومية .
عندما تتقدم  الحكومة  بموازنة عام مالي  قادم  الي البرلمان ليجيزها فإنه يقوم بفحص ومراجعة  واجازة   تلك الموازنة  ، و بعد أن يقر البرلمان الموازنة ويعتمدها تصبح قانون نافذ   وتقوم الحكومة بتنفيذ قانون الموازنة على مدار عام مالي كامل . وبعد نهاية تنفيذ الموازنة تقوم الحكومة  (وزارة المالية) بتقديم كشف حساب للبرلمان تتناول فيه كافة أوجه الإنفاق والموارد التي قامت بها خلال العام المالي ، وكشف الحساب هذا يعرف بالحساب الختامي للموازنة.ويقوم البرلمان في عملية الرقابة بعد الصرف بفحص ومراجعة الحساب الختامي للموازنة بهدف  تحليل الفجوة بين مستوى الإنفاق الفعلي والمخطط وأسبابها، للتحقق من أن تلك الفجوة في حالة وجودها لا ترجع إلى انحرافات مالية، ويستعين البرلمان في هذا التحقق بتقارير ديوان المُراجعة القومي[8] وملاحظاته بشأن نتائج تنفيذ الموازنة ، ويتأكد من عملية خضوع الجهات التنفيذية والحكومة للملاحظات التي أبداها ديوان المراجعة القومي و اتخاذ كافة الإجراءات التي تكفل معالجة اي حالات فساد/ انحرافات مالية..
وأن مسألة الرقابة علي الاداء البرلماني في المرحلة القبلية  والبعدية   تطرح علي طاولة البحث العديد من الاسئلة والمسائل التي يحاول هذا التقرير تغطية بعض جوانبها المهمة  علي النحو التالي:

أولاً: نظم الادارة المالية العامة :
ان الانشطة البرلمانية ذات الصلة بالموازنة العامة يجب أن تبدأ بالمشاركة  في تقييم الموازنة السابقة  ثم تخطيط واعداد الموازنة الحالية المعدة لعام قادم  ، الا أن تحقيق هذه المشاركة  ومدي فعاليتها   أمر يتتطلب معالجة و اصلاح ننظام الادارة المالية في البلاد.
قامت وزارة المالية والاقتصاد الوطني باجراء العديد من الدراسات وورش العمل [9] بهدف التعرف علي مظاهر الضعف وأوجه القصور في نظام ادارة المالية العامة في السودان وفي ضوء تلك الدراسات وورش العمل يمكننا الاشارة الي جملة من العوامل المؤثرة  [10]:
1)    ضعف التخطيط ،  حيث لا ترتبط الموازنات العامة في كثير من الاحيان  بخطة قومية ذات موجهات معلومة وبرامج واضحة – تعد الموازنة لفترة عام واحد
2)    لا يوجد ربط بين السياسات والموازنة ، حيث أن السياسات في كثير من الاحيان قد لا تعكسها الموازنة – لايوجد ربط واضح بين السياسات الاقتصادية والموازنة.
3)    ضعف التحكم في الانفاق  ، حيث  تواجه الموازنة العامة في السودان بصعوبات كثيرة وانحرفات كبيرة في تشكيلة النفقات وفي مجاميعها .
4)   ضعف العلاقة بين الموازنة المجازة والميزانية المنفذة ،فالحكومة  تقوم  بوضع بنود معينة لكن ياتي التنفيذ في بنود مختلفة
5)    ضعف النظم المحاسبية المستخدمة في حسابات الموازنة العامة ، نتيجة افتقاد  النظم المستخدمة للمعايير الدولية المطلوبة لضبط العمليات المالية .
6)       الضعف في ادارة الديون بشقيها الداخلي والخارجي .
7)       ضعف ادارة النقدية
8)       الضعف في اعداد تقارير اداء الموازنة العامة .
9)       ضعف نظم معلومات الادارة المالية .

(المرصد)  يري أن ضعف نظام الادارة المالية العامة يجعل مصداقية الموازنة علي المحك حيث أنها علي الدوام تواجه معوقات من جراء محدودية تقدير التكاليف  وتحديد اولويات السياسات اثناء اعداد الموازنة اضافة الي التقلبات التي تشهدها عملية تنفيذها ، وحتي يتمكن البرلمان من المشاركة بفاعلية في صنع الموازنة العامة ومراقبة تنفيذها يجب عليه التأكد من وضع وتنفيذ عملية اصلاح شامل لنظام الادارة المالية بما فيها اجهزة الرقابة المالية ،

ثانياً : تخصيص الموارد  لمستويات الحكم (الفيدرالية المالية):
الأصل في تخصيص الموارد  لمستويات الحكم (الفيدرالية المالية) تحقيق  إيرادات  وعائدات لمقابلة المنصرفات والأعباء الملقاة على كاهل مستوي الحكم المعين مع مراعاة حصول كل الأفراد والمواطنين داخل الاتحاد الفيدرالي على مستوى خدمات متساو  دون الخضوع إلى  مستويات متفاوتة في دفع الضرائب ، ولكن في الواقع يواجه الحكم المحلي أعباء مالية لا تتناسب مع ما هو متاح له ، حيث أن تطبيق الحكم الفيدرالي ألقي بأعباء  ومسؤوليات علي الولايات بينما أن الموارد الذاتية للولايات والمحليات ضعيفة في الوقت الذي اصبحت فيه مسؤولية التنمية والخدمات مسؤولية المحليات دون تخصيص اعتمادات مالية ، حيث تعتمد الولايات والمحليات   على المركز أو الدعم الاتحادي من الحكومة المركزية بشكل كامل ، وقد اشارت دراسات وبحوث عديدة الي أن التجربة الفيدرالية في السودان ألقت علي كاهل مستويات الحكم الأخرى المتمثلة في (الولايات والمحليات) مسؤوليات وأعباء كبيرة تمثلت في خدمات (الصحة ،المياه ،التعليم والطرق والجسور ...الخ) وهذه الخدمات التنموية باهظة التكلفة في الوقت الذي لا توجد فيه موارد مالية حقيقية تنزل إلى المحليات والولايات لمقابلة هذه المنصرفات ، إلى  درجة عجز المحليات والولايات عن دفع الأجور والمرتبات وعجز ميزانيات التسيير (الفصل الأول والثاني ) الشيء الذي أدى إلى تراكم مديونيات بملايين الجنيهات وتدنى الخدمات في مجالات الصحة والمياه والتعليم والبنية التحتية .

( المرصد )   يري أن الإيرادات  والضرائب التي تم تخويلها بموجب الدستور والمراسيم والقوانين للولايات في معظمها مواعين ايرادية فارغة ولا تفي بالغرض المطلوب في زيادة  إيرادات  الولايات ، كما أن  ضعف التحويلات المالية من الحكومة المركزية في ظل  قلة موارد المصادر الذاتية للولايات يقود بالضرورة إلى عجز الولايات عن القيام بأعباء ومسؤوليات الحكم المحلي ، وعليه  يري المرصدأن البرلمان يجب أن يضطلع بمسئولية معالجة هذا  الخلل علي علي النحو التالي :
1)   تخصيص مصادر إيرادات مالية للمحليات حيث ورد ذكر المحليات كمستوى رابع من مستويات الحكم (المادة 24) من الدستور القومي الانتقالي لسنة 2005 مع إغفال ذكر المصادر الإيرادية المالية اللازمة أسوة بالمستويات الأخرى (المادة 193 ،194 ،195) من الدستور .  
2)   معايير قسمة الثروة والإيرادات لابد أن تقوم على الواجبات والمسؤوليات الملقاة علي عاتق مستوي الحكم المعين إلي جانب مراعاة الولايات الفقيرة والشحيحة الموارد والبنية التحتية الضعيفة هذا إلى جانب ما ذكر من معايير السكان وخلافه

كما يري المرصد أهمية أن تتضمن عملية الاصلاح الدستوري تصور واضح  للفيدرالية المالية واليات تنفيذها  فالواضح من خلال التجربة السابقة   أن  النظام الفيدرالي  رهين الي حد كبير  بنجاح الفيدرالية المالية ، والدستور القومي الانتقالي لسنة 2005 نص في  المادة (195) الفقرات (د ، ح ) علي أن ضريبة الدخل الشخصي والدمغة سلطة حصرية للولايات ، لكن لاحظنا في التجربة العملية أن  أن التحصيل ولائي والتوريد مركزي لتتم عملية إعادة القسمة مرة أخرى عليه لابد من إصدار تشريعات ولائية للاستفادة من ناتج تحصيل ضريبتي الدخل الشخصي والدمغة الولائيتين .

ثالثاً : : تطبيق الشفافية والمساءلة
  •      إن تطبيق الشفافية والمساءلة ينبغي أن يطال جميع مناحي الدولة والمجتمع بلا استثناء، وقد يكون من أخطر هذه المناحي التي تتطلب الشفافية والمساءلة الحياة المالية للدولة، فالمالية بالنسبة للدولة مهمة ، ففيها تنعكس، وتترك آثارها جميع المؤثرات والتفاعلات الداخلية والخارجية في كيان الدولة والمجتمع. فالمالية السليمة تؤشر إلى اقتصاد سليم ومعافى، أما المالية غير السليمة فتؤشر إلى انتشار الفساد في كيان الدولة، وهكذا فالشفافية مهمة لمحاربة ظاهرة الفساد والحول دون انتشارها وتفشيها في كيان الدولة والمجتمع. وإذا كان الفساد بدرجات معينة يكاد يكون ظاهرة عالمية ترافق عادة مجهودات التنمية، غير أنه في بعض الأنظمة الاستبدادية يكاد يتحول إلى أسلوب في الإدارة، والسياسة العامة. " افسد الناس تسيطر عليهم" هذه هي مقولة الأنظمة الاستبدادية. 
  •      تشمل المالية العامة للدولة جميع موارد الدولة المالية وكذلك جميع أبواب صرفها، وفي كلتا الحالتين ينبغي أن تكون المالية واضحة وشفافة، وخاضعة للمراجعة والتدقيق القانونيين ، و تشمل المالية النظام الضريبي للدولة وكذلك النظام المصرفي، والمشتريات العامة والنظام الضريبي..الخ. 
  •       في نظام الحكم الرشيد تعد مالية الدولة بصورة علنية وشفافة، وتراجع بصورة دورية جميع الحسابات العامة، بل وتكون خاضعة أحيانا لمراقبة هيئات دولية. 
  •       بحسب دستور السودان الانتقالي لسنة  2005    يُنشأ ديوان للمراجعة على المستوى القومي ويكون مستقلاً، ويضع ديوان معايير للمراجعة في كل السودان، ويتولى الرقابة على الأداء المالي للحكومة القومية، بما في ذلك تحصيل الإيرادات وإنفاق المصروفات، وفقاً للموازنات المعتمدة من الهيئة التشريعية القومية والهيئات التشريعية الولائية، و يقوم ديوان المراجعة القومي بمراجعة حسابات الأجهزة التنفيذية القومية والهيئة التشريعية القومية والسلطة القضائية القومية، إلى جانب حسابات الولايات والمؤسسات والهيئات والشركات العامة وأي مؤسسة أخرى يحددها القانون ، علي ان يقدم المراجع العام تقريراً سنوياً لرئيس الجمهورية والمجلس الوطني ،  وقد حرص المُشرع لضمان استقلالية الديوان أن يُعين رئيس الجمهورية، بموافقة أغلبية الثلثين في المجلس الوطني، المراجع العام من المؤهلين مهنياً ليرأس الديوان القومي للمراجعة, ويؤدي القسم أمام رئيس الجمهورية. ويعزل المراجع العام من منصبه بذات الإجراءات التي عُيِّن بها ، وحسب دستور السودان الانتقالي لسنة 2005 يحظر على المرجع العام مزاولة جميع الأعمال المحظورة على شاغلي المناصب الدستورية .

 وثق (المرصد)  ان هناك قصور واضح   في اليات الرقابة البرلمانية للتأكد من أن  النفقات التي  تقوم بها الحكومة على مدار العام   تتوافق مع أولويات المجتمع، حيث لا تتثني لنواب البرلمان الاستفادة بشكل كامل من صلاحيات مراقبة السلطة التشريعية لأداء السلطة التنفيذية ، نتيجة  وجود  صعوبة في الوصول للمعلومات ومتابعة توصيات تقارير  المراجع العام نتيجة العقبات و التحديات المعقدة  التي تواجه البرلمان في ممارسة دوره الفعلي كمؤسسة تراقب أداء الحكومة في بيئة ديموقراطية .

علي الدوام  ظلت  إن الموضوعات المتصلة بالموازنة العامة في السودان كانت على الدوام ( في ظل دستور 2005) أمراً غامضاً لا يفك شفرته إلا القليل جداً من النافذين داخل السلطة التنفيذية، و أصبحت تلك المعضلة عصية على الحل ، و ذلك لغياب الإرادة التي بمقدورها أن تنشئ مؤسسات تتعقب الموازنة و تحدد مواقع صرفها بدقة.

مرصد البرلمان يري أنه  عندما ترفع الحكومة موازنتها وخطة الإنفاق العام  أمام البرلمان، ينبغي أن تشكل الموازنة وخطة الإنفاق العام  موضوع نقاش جدي وحقيقي في ظل الانظمة الديمقراطية إذ ينعقد نقاش هام بين البرلمان والحكومة حول الانفاق العام و الموارد للدولة ،  في هذا النقاش يطرح البرلمان هموم المواطنين و إحتياجاتهم و مدى أمكانية تعايشهم مع الظروف الأقتصادية التي تقترحها الحكومة  على البرلمان لإجازتها. أن مثل هذا النقاش الموضوعي ، بين المتطلبات العملية لإدارة الدولة من جهة، و بين هموم و تطلعات المواطنين و مقدرتهم للعيش الكريم في ظل السياسات الحكومية المقترحة هو أحد أهم أركان الديمقراطية، و هذه العلاقة الموضوعية يجب ان تتسم بالشفافية و الوضوح و الإستقلالية بحيث ان لا تكون تلك النقاشات غير موضوعية و غير جادة و غير مؤثرة.

الفصل الرابع
مقترحات وتوصيات لتطوير الاداء البرلماني
في مجال الموازنة العامة
اولاً  :  البرلمان
1)  علي مستوي الدور  السياسي   للبرلمان:
  •      بناء وتطوير  مؤسسات للشفافية و بناء مؤسسات مهنية و مستقلة للرقابة و الرصد و التعقب. و لا سيما أن أنشاء مفوضية قوية لتحديد الموارد القومية و تخصيصها على أوجه الإنفاق هو أحد المخارج العملية الجادة.
  •      إن العديد من الوزراء و النافذين في السلطة أصبحوا يجاهرون بأنهم أعلى من السلطات و أكبر من المساءلة، لذا لم يستطع البرلمان سؤالهم أو إستدعائهم للإستجواب، لذا لابد من تفعيل البرلمان في تكوين آليات متخصصة و فعالة في التحقيق و التقصي حول الفساد الحكومي.
  •      وضع نظم و قوانين فعالة تمكن من تنفيذ القانون على كبار المسئولين في الدولة حين تحوم الشبهات بإرتكابهم جرائم متصلة بالمال العام
  •      نشر جلسات مناقشات الموازنة العامة و بثها عبر وسائل الإعلام حيث يمكن للشعب أن يرى و يعرف مدى فعالية البرلمان في القيام بدوره في حماية مصالح الشعب.
  •       خلق آليات شعبية، تتفاعل مع البرلمان، و تتبادل معه المعلومات و النقاشات و الخبرات ، بالصورة التي تجعل أبواب البرلمان مفتوحة للمواطنيين لتقديم رؤاهم و مقترحاتهم و شكاويهم ، وتسهيل  مهمة منظمات  المجتمع المدني في مراقبة الاداء البرلماني.
2)  علي مستوي  الدور المؤسسي للبرلمان:
  • تطوير عمل لجان الاستماع في الموضوعات ذات الصلة بدور البرلمان في مجال الموازنة العامة    بتركيز علي عرض الجوانب المختلفة القائمة والمحتملة للموضوع محل البحث وليس بعرض أكبر عدد من الموضوعات على البرلمان.
  • تطوير وحدات المعلومات والبحوث البرلمانية  بصورة تسمح   بتوظيف واستخدام تقانة حديثة في مجال المعلومات البرلمانية، وامتلاك قدرات فنية ووحدات لتخزين المعلومات واسترجاعها فضلاً عن تطوير نظم لإدارة المعلومات وإتاحتها للبرلمانيين .
  • تطوير الخدمات البحثية والقدرات التحليلية  للبرلمانيين مع الاخذ في الاعتبار التقدم المتسارع في تجارب وبرامج تطوير البحوث البرلمانية نفسها باستخدام التقانات الحديثة في هذا المجال.
  • ثانياً : منظمات المجتمع المدني :
إن  تنوع   وسائل منظمات المجتمع المدني في مراقبة أداء البرلمان في مجال الموازنة العامة يمكن أن يُسهم مساهمة فعالة  في   تطوير الاداء  العام  في مجال ( الموازنة العامة )  تبعاً للبعد الذي تستهدف تلك المنظمات  التأثير فيه ، فكل منظمة من منظمات المجتمع المدني يمكن أن تقوم بدور او اكثر في مجال مراقبة  وتطوير الاداء  في مجال ( الموازنة العامة )  تبعاً للبعد الذي تستهدف التأثير فيه في الموازنة  كالعمل علي التدريب على التعامل مع قضايا الموازنة و تبسيط الموازنة العامة وجعلها قابلة للفهم من المواطنين ، ونشر الوعي باهمية الموازنات القائمة علي اساس النوع ، أو القيام بإجراء تحليلات للموازنات  وتتبع أثر الموازنة على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية  ومدي  تأثيرها على الفقراء / النساء / الاطفال، و بحث و دراسة علاقة الموازنة بالسياسات العامة و تطوير نماذج نظرية حول الموازنة ، أو مراقبة الأداء البرلماني في مجال الموازنة الموازنة العامة و محاربة الفساد وتعقب المفسدين في المال العام  ، و مراقبة و تحليل السياسات و الأداء الحكومي عند تنفيذ الموازنة وتحري تأثيرها على الفئات الضعيفة مثل النساء أو الفقراء أو المناطق الأقل حظاً.
ومهما كان الدور الذي ستلعبه المنظمة المعنية في مجال الموازنة  العامة  فأن المدخل الاهم وما يجب البدء به  هو العمل من أجل  توسيع نطاق المشاركة في عملية إعداد ومناقشة  ومتابعة  الموازنة  والسعي لضمان أكبر قدر من الاستجابة لحاجات المجتمع والعدالة ومكافحة الفقر، وذلك من خلال :                                                                
  • بناء قدرات منظمات المجتمع المدني وتوعيتها بمفهوم الشراكة مع البرلمان
  • التشبيك مع البرلمان وإمداد البرلمانيين بالمعلومات والمؤشرات التي تساعدهم على قراءة الموازنة العامة من منظور متحيز للمهمشين والفئات المستضعفة في المجتمع.
  • التنسيق مع الوزارات المختصة وتحفيزها على توسيع قاعدة المشاركة في اعداد مسودة الميزانية .
  • بناء قدرات العاملين في الوزارات وتدريبهم على أساليب تطبيق الموازنات  التشاركية / الإنفاق الاجتماعي.
  • التنسيق مع الجامعات ومراكز البحوث الأكاديمية لتشجيع البحوث البرلمانية
ثالثاً : الإعلام :
  •   عقد ورش عمل تدريبية بهدف رفع كفاءة الصحافيين المهنية, وزيادة ثقافتهم البرلمانية .
  •    تدريب الاعلاميين حول كيفية عمل تقارير إعلامية ناجحة، حول مراقبة الاداء البرلماني، و كيفية عمل استطلاعات الرأي العام،   و تدريبهم كذلك حول الدور الفعال لوسائل الإعلام في تطوير اداء البرلمان .
  •   العمل على إصدار تشريعات و لوائح ديمقراطية تسهم في تحقيق واقع الحريات الصحفية ، و تلغي كافة القيود المفروضة على الدور الصحفية ، لا سيما الصحافة الحزبية، و من بين تلك التدابير المطلوبة، إلغاء الرسوم الباهظة  و القيود الإجرائية و المالية على المؤسسات الصحفية والاذاعية .
  •    تشجيع الاعلاميين الشباب من الجنسين في تبني أستراتيجية طويلة المدي في رصد و مراقبة البرلمانات و تأثيرها في  الواقع الإجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي .
رابعاً: الاحزاب السياسية :
  •  التأكيد على عمليات  بناء القدرات وتطوير  المهارات  بصفة  خاصة  في  الجوانب الفنية ذات الصلة بالثقافة البرلمانية
  •  تشجيع المشاركة في عملية صناعة الموازنة العامة في جميع مستويات الحكم .
  •  العمل علي بناء و تطوير اليات التشبيك والتنسيق فيما بينها ومع  المنظمات العاملة في مجال مراقبة وتطوير الاداء البرلماني لتبادل الخبرات والمعلومات .
خامساً : منظمات الامم المتحدة والجهات المانحة : 

  •  العمل علي  نشر الثقافة البرلمانية  من خلال دعم أنشطة التوعية والتدريب والتأهيل  في اطار بناء وتعزيز الديمقراطية في السودان وإنتهاج مبدأ مشاركة الشعب في الموازنة العامة ، و الأهتمام بتنمية العمل البرلماني بوصفه  ركن  من اركان البناء الديمقراطي في السودان. 
  •  المساعدة في نقل الخبرات الدولية المتقدمة - في مجال الموازنة العامة و بناء الثقافة البرلمانية  -  إلى البرلمانات القومي والولائية و منظمات المجتمع المدني الوطنية.
  • المساعدة في  دعم  أنشطة وبرامج منظمات المجتمع المدني وتأهيلها  في مجال مراقبة وتطوير الاداء البرلماني .
سادساً : الحكومة : 
  •       القيام باصلاح شامل في انظمة اعداد وتنفيذ ومراقبة الموازنة العامة 
  •       اعتماد نهج الموازنة التشاركية .
  •        مراجعة اولويات الانفاق ومحاربة المحسوبية والصرف البذخي والفساد 
  •       اعمال مبادئ  الشفافية  والمساءلة والمحاسبية

   


[1]  حلقة نقاش  حول  الاثار الاقتصادية لانفصال جنوب السودان – مركز الشرق للثقافة والعون القانوني بالتعاون مع المنبر السوداني (شمس)  ومؤسسة فريدرش ايبرت - د. أبوبكر إبراهيم محمد حسين -  الخرطوم، أكتوبر  2011
[2] المادة 91/2/ج ، و المادة 110 من الدستور الإنتقالي 2005.
[3] المادة 91/3/ز  دستور السودان الانتقالي 2005.
[4] المادة 103 من  الدستور الإنتقالي 2005.
[5] المادة 105 من الدستور الإنتقالي  2005.
[6] المادة 115 من الدستور الانتقالي لسنة 2005.
[7]  راجع  لائحة اعمال المجلس الوطني – الباب الرابع .
[8] أنظر دستور السودان – الفصل السابع (الماة  205 )
[9]  دراسة مولها  البنك الدولي وأخري صندوق النقد الدولي .
[10] راجع ورقة رؤي لادارة  نظام  الادارة المالية في السودان -  استعرضها   منتدي قضايا الموازنة العامة  – مركز الشرق بالتعاون مع مؤسسة فريدرش ايبرت – الخرطوم  7 يونيو2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخر خبر

نظم مركز الشرق للثقافة والعون القانوني بالتعاون مع منبر شمس ومؤسسة فريدرش ايبرت ورشة تدريبية في الفترة من 24 الي 26 مارس 2012 حول الميزانيات العامة وحقوق الانسان بمشاركة نشطاء منظمات المجتمع المدني ، تركزت اوراق العمل التي قدمها فريق تدريبي ضم د.سامي عبدالحليم وعبدالعظيم محمد احمد وعبدالمنعم القريني حول الميزانيات العامة وحقوق الإنسان و كيفية مراقبة إدماج حقوق الإنسان في الموازنة ؟ وماهو مفهوم واساليب تحليل الميزانية من خلال إطار حقوق الإنسان ؟ وقد تم ذلك بتطبيق علي ميزانية قطاع التعليم في السودان ، وجاءت تلك الورشة في سياق مجموعة من الورش ومنتديات الحوار بدأ تنفيذها مركز الشرق منذ العام 2010 والتي سيتم تتويجها قريباً باصدار التقرير الاولي لمنظمات المجتمع المدني عن مراقبة الموازنة العامة في السودان .

بدأت الورشة بتوضيح العلاقة بين الميزانيات وحقوق الانسان واشارت الي أن إيفاء الحكومة بالتزامات حقوق الإنسان ليس بالضرورة أمراً يستدعي صرف الأموال ، فبمكانها أن تفعل الكثير من أجل الإيفاء بالتزاماتها نحو حقوق الانسان ، فيستطيع رئيس الدولة أو اي وزير أن يعزز حق التعليم عن طريق إلقاء خطاب عن أهمية التعليم للجميع ، ويمكن للحكومة المحلية أن تدعو أفراد الشعب لحملة لصيانة ونظافة وتشجير المدارس علي سبيل المثال ، وفي بعض الأحيان قد يستدعي احترام حقوق الإنسان أن تتوقف الحكومة عن اتخاذ إجراء معين مثل إساءة معاملة المحتجزين في السجون ، ولكن في معظم الاوقات لا بد من توافر الأموال التي تساعد الحكومة على الإيفاء بمسؤولياتها عن تلك الحقوق على الوجه الأكمل ، فلا بد من توجيه موارد مالية نحو تدريب المعلمين ، مثلاً على عدم تعنيف و إساءة معاملة التلاميذ ، ولا بد من توافر المال اللازم لبناء المدارس ودفع رواتب المدرسين وتوفير ظروف عمل مناسبة لعمال التعليم وما هذه كلها إلا بعض الأمثلة لما ينبغي القيام به في مجال حقوق الإنسان وكلها تتطلب توافر الأموال ، ويجب أن يكون إصرار الحكومة على التمسك بإلتزامات حقوق الإنسان جزءاً لا يتجزأ من سياساتها العامة ،. ويجب أن تعكس الميزانية العامة تلك السياسات ، بمعنى أنه يجب على الحكومة أن تخصص الموارد المالية الكافية لسد المتطلبات الضرورية للحياة اليومية ، وهكذا يجب على المهتمين بمراعاة مدى إيفاء الحكومة بالتزامات حقوق الإنسان أن ينظروا إلى الموارد المالية لتلك الحكومة وما تخصصه وما تنفقه منها حسبما يتضح في الميزانية ، ووضح من خلال مخطط تحليل قطاع التعليم الذي طبقه المشاركون في الورشة أن تقييم عملية التعليم في سياق مراقبة الموازنة العامة يحتاج إلى أكثر من مجرد تحليل ارقام الميزانية ، فقد تنشئ الحكومة مدارس في الريف ولكن ما هو مستوي و جودة وملاءمة التعليم المقدم نفسه وهل هو سهل الوصول اليه ؟ وهنا نجد أن خبراء علم التربية والتعليم هم أقدر على الإجابة على مثل هذه الأسئلة من خبراء تحليل الميزانيات ، ومع ذلك أكدت الورشة أن تحليل الميزانية قد يزود المهتمين بحقوق الإنسان بقدر كبير من المعلومات خاصة عندما يتم النظر إلى أرقام الميزانية في ضوء معلومات أخرى يقدمها خبراء الإحصاء والتعليم وعلم الإجتماع وعلم النفس وغيرهم من الأخصائيين كما يمكن أن يزودنا تحليل الميزانية بصورة لما تقوم به الحكومة عاماً بعد عام ، ومدى ما تحققه من وعود سابقة ، ويمكن أن يكون أداة قوية لتحديد اسباب فشل الحكومة وتقاعسها عن الإلتزام بحقوق الإنسان كما أنها تًعين على تحديد الإجراءات التي ينبغي على الحكومة أن تتخذها من أجل الإيفاء الأفضل بتلك الإلتزامات ، كما تم في الورشة صور ادماج حقوق الانسان في الميزانيات وتوضيح الدور المؤسسي في مراقبة إدماج حقوق الإنسان في الموازنة كما تم عرض ومناقشه مجموعة من المفاهيم والاساليب حول التنفيذ و المراقبة اكدت الورشة أن منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال مراقبة الموازنة العامة الهادفة الي استخدام مهاراتها لمعالجة مشاكل الفقراء أو تعزيز العدالة الإجتماعية تجد بدورها أن إطار حقوق الإنسان يكون بمثابة عدسة مكبرة تنظر من خلالها إلى أرقام الميزانية ، مما يضيف أبعاداً هامة إلى نشاطها .

ورش تدريبية عن دور منظمات المجتمع المدني في مراقبة الموازنة العامة في السودان

في اطار انشطته من اجل تعزيز دور منظمات المجتمع المدني في مراقبة الاداء البرلماني نظم مركز الشرق للثقافة والعون القانوني بالتعاون مع مؤسسة فريدرش ايبرت ورشة تدريب مدربين حول مراقبة الموازنة العامة للدولة في الفترة من 7 الي 9 اغسطس 2010 بالخرطوم ، قدمت الورشة من خلال اساليب التدريب التشاركية معلومات عن الموازنة العامة واهميتها وعن دور المجتمع المدني في عملية صنع الموازنة العامة، وفي مراقبتها كما تناولت معايير ومؤشرات مراقبة الاداء البرلماني في مجال الموازنة وعلاقتها بحقوق الانسان و بالاهداف التنموية للالفية بتركيز علي كيفية تحليل او تقييم للموازنة ومسار تطبيقها من الناحية الادارية والسياسية ، كما تم النقاش حول بعض اساليب تحليل الموازنة بتركيز علي مدي ادماج النوع الاجتماعي (الجندر) في الموازنة العامة والتعرف علي تجارب بعض الدول والدروس المستفادة منها ، قام بتيسير البرنامج التدريبي د.سامي عبدالحليم وعبدالعظيم محمد أحمد كما قدم د.حسن بشير الخبير الاقتصادي المعروف في اليوم الختامي للورشة مداخلة عن قضايا الموازنة العامة في السودان

المنتدي الاول لحوار منظمات المجتمع المدني والبرلمانيين حول الموازنة العامة



ظل موضوع تحليل ومراقبة الموازنات العامة في السودان لفترة طويلة موضوعاً تقنياً فنياً يهتم به المتخصصون من المحاسبين والمراجعين والمهتمين بالشئون المالية والاقتصادية ، إلا أنه مع اتفاقية السلام الشامل 2005 واتجاه الدولة نحو الديمقراطية والفيدرالية بدأ ينمو اهتمام المجتمع المدني بدراسة وتحليل الموازنات ليس من جانبها الفني فقط ولكن من الجانب السياسي والإداري ، وفي هدا السياق تجئ مبادرة منظمات المجتمع المدني لمراقبة الموازنة العامة للدولة والاداء البرلماني في هدا المجال حيث نظم مركز الشرق للثقافة والعون القانوني بالتعاون مع منظمة دلتا الطوعية و مؤسسة فريدرش ايبرت منتدي بعنوان : حول الموازنة العامة للدولة في يوم 27 يونيو2010 بقاعة الاسكلا بالخرطوم بمشاركة نشطاء بالمجتمع المدني وبرلمانيين واعلاميين ، تناول المنتدي بالتحليل والنقاش مراحل و نُظم اعداد ومناقشة واجازة وتطبيق الموازنة العامة للدولة والقضايا المرتبطة بها من خلال عدة اوراق قدمها د. سيف الدين عبدالرحمن المستشار الاقتصادي والسيد احمد محمد الامين ترك النائب البرلماني بالمجلس الوطني ود.عصام ميرغني عن كتلة التجمع الوطني الديمقراطي المعارض في البرلمان السابق ..كما قدم عدد من المشاركين/ات مداخلات ثرة حول أهمية تقوية دور المجتمع المدني في مساندة البرلمان من أجل جعل الموازنة العامة موازنة عالية المصداقية والشفافية ومعبرة عن مصالح الشعب ومنحازة للنساء والاطفال والفئات الاضعف بالمجتمع .



ماذا تعرف عن دور ديوان المراجعة القومي في الرقابة علي الاداء المالي للحكومة ؟

بحسب دستور السودان الانتقالي لسنة 2005 يُنشأ ديوان للمراجعة على المستوى القومي ويكون مستقلاً, ويُنشأ ديوان آخر للمراجعة في جنوب السودان ، ويضع ديوان المراجعة القومي معايير للمراجعة في كل السودان، ويتولى الرقابة على الأداء المالي للحكومة القومية، بما في ذلك تحصيل الإيرادات وإنفاق المصروفات، وفقاً للموازنات المعتمدة من الهيئة التشريعية القومية والهيئات التشريعية الولائية، و يقوم ديوان المراجعة القومي بمراجعة حسابات الأجهزة التنفيذية القومية والهيئة التشريعية القومية والسلطة القضائية القومية، إلى جانب حسابات الولايات الشمالية والمؤسسات والهيئات والشركات العامة وأي مؤسسة أخرى يحددها القانون ، علي ان يقدم المراجع العام تقريراً سنوياً لرئيس الجمهورية والمجلس الوطني. بينما ينظم الدستور الانتقالي لجنوب السودان ديوان المراجعة لجنوب السودان وقد حرص المُشرع لضمان استقلالية الديوان أن يُعين رئيس الجمهورية، بموافقة أغلبية الثلثين في المجلس الوطني، المراجع العام من المؤهلين مهنياً ليرأس الديوان القومي للمراجعة, ويؤدي القسم أمام رئيس الجمهورية. ويعزل المراجع العام من منصبه بذات الإجراءات التي عُيِّن بها ، وحسب دستور السودان الانتقالي لسنة 2005 يحظر على المرجع العام مزاولة جميع الأعمال المحظورة على شاغلي المناصب الدستورية (انظر المادة 75 من دستور السودان الانتقالي لسنة 2005 .) كما علي القانون أن ينظم مهام وشروط خدمة العاملين في ديوان المراجعة على المستوى القومي وفى جنوب السودان..اضغط للاطلاع علي قانون المراجعة الداخلية لأجهزة الدولة القومية لسنة 2010

ماهو الفساد البرلماني؟

د.سامي عبدالحليم

في الواقع، تضع الدساتير في الدول الديمقراطية الحديثة العديد من التدابير التي تضمن قيام السلطة التشريعية بدور فعال في سيادة حكم القانون و تعزيز الديمقراطية، من بين تلك التدابير و بدون حصر: إعتماد لائحة أخلاقيات التشريعيين،إلزام أعضاء السلطة التشريعية تقديم إقرار مالي إلزامي سنوي و تكوين لجان داخلية تتحقق من الفساد داخل الهيئة التشريعية. و برغم التدابير القانونية التي تتبعها النظم الديمقراطية لتأكيد إستقلالية و فعالية و نزاهة السلطة التشريعية، تشهد التجارب الديمقراطية انماطاً مختلفة من نماذج فساد أعضاء البرلمان .و على صعيد تجارب البرلمانات الديمقراطية الناشئة في بلدان العالم النامية، من الصعب الحصول على بيانات و إحصاءات لنماذج الفساد البرلماني، على الرغم من ذلك نستطيع أن نبين نوعين من الفساد، الأول هو الذي يرتكبه الأعضاء لأغراض شخصية، و الثاني الذي يرتكبه الأعضاء لأغراض مؤسسية، فيما يلي، نستعرض على سبيل المثال بعض تلك النماذج:


أولاً:فساد الأعضاء :

هو الفساد الذي يرتكبه العضو لتحقيق منافع شخصية، ما كان له من سبيل ليحصل عليها لولا تمتعه بعضوية البرلمان، وفي هذا الصدد الأمثلة كثيرة بالقدر الذي لا يستوعبه الحصر، و هنا نورد أكثر الأمثلة شيوعاً كتقديم مقترحات تشريعية بقصد تحقيق منافع شخصية: في واحدة من قضايا الفساد الشهيرة في الكنغرس الأمريكي، هو أن السناتور تيد إستيفنز عن ولاية ألسكا، كان قد أتهم في تلقيه رشاوى في شكل هدايا من شركة نفطية كبيرة تعمل في حقول ألسكا، و ذلك لتقديم مقترحات مناهضة لأي إتجاه بوقف إحتكار الشركة للعمل في الحقول المذكورة ، وكذلك بقبول هدايا غير مبررة من الشخصيات و المؤسسات: من ذلك قبول النائب لهدايا باهظة القيمة في مناسبات لا تتطلب ذلك القدر من الهدايا، مثال ذلك تقديم وكيل شركة السيارات X)) بعربة هدية لبنت النائب بمناسبة إنتهائها من الدراسة الجامعية، أو بمناسبة الزواج... الخ ، أو أن تقوم شركات بتمويل الأنشطة ذات الطابع الدعائي للنائب: و هذا شائع الوجود على مستوى دول العالم النامية و الدول المتقدمة، مثال ذلك أن يقوم النائب بطلب من شركة بعمل مشروعات خدمية بإسمه في نطاق دائرته الإنتخابية بقصد تعزيز موقفه الإنتخابي القادم، مقابل أن يقوم النائب بتذليل العقبات التي تواجه الشركة المعنية مع الدوائر الحكومية. أو أن يقوم النائب بإحضار فواتير وهمية الى لجنة العضوية بقصد إسترداد قيمتها، تخص العلاج أو الدراسة أو السفر أو الإقامة أو صيانة السيارة ...الخ.

ثانياً :الفساد المؤسسي :

هو أيضاً فساد يرتكبه الأعضاء، و لكن بوصفهم المؤسسي، وتعبيراً عن السلطة التشريعية، أو أحد لجانها، و الأمثلة في ذلك متنوعة و كثيرة كالفساد التشريعي: و هو أن تقوم السلطة التشريعية و تحت ضغوط سياسية بتمرير تشريعات من الواضح إنها صدرت تحت ذلك الضغط. تلك الضغوط قد تكون صادرة من رئيس الجمهورية بالتهديد بحل البرلمان، أو بتهديد حزب الأغلبية و حلفائه من الأقلية النيابية بمقاطعة جلسات مناقشة القانون إذا مرر البرلمان المقترحات التي يناهضها حزب الأغلبية ، أو الضغط على الأحزاب الصغيرة و تهديدها بفقد بعض الإمتيازات داخل السلطة التشريعية: على سبيل المثال أن يقوم رئيس الهيئة التشريعية مسنوداً بحزب الأغلبية، بحرمان بعض النواب من عضوية اللجان البرلمانية تأسيساً على مواقفهم وآرائهم، و هذا يعد تهديد للآخرين في المستقبل و تحذيرهم من إتخاذ مواقف غيرمرغوب فيها من قبل رئيس السلطة التشريعية و حزب الأغلبية. وهناك التعسف في إستخدام اللآئحة ضد بعض النواب: في أحوال كثيرة، يكون رئيس البرلمان متسامحاً في إستخدام اللآئحة ضد النواب، إلا إن ذلك التسامح لا يشمل بعض الأعضاء من أصحاب الصوت العالي و المنتقد لسياسات الحكومة. اما الفساد المشترك مع السلطة التنفيذية: فيحدث كما في أحوال عديدة،حينما تدفع السلطة التنفيذية بمشروع قانوني الى البرلمان لإجازته، و من خلال المداولات تكتشف السلطة التنفيذية بأن أحكاماً مهمة في مشروع القانون سيتم عدم الموافقة عليها، فتقوم الوزارة المعنية بعمل حملة وسط النواب بقصد تغيير آرائهم مقابل منافع مختلفة تقدمها الوزارة.



ما هو الفساد؟

الفساد هو إساءة استعمال السلطة العامة أو المنصب للمنفعة الخاصة سواء عن طريق الرشوة، أو الابتزاز، أو عن طريق استغلال النفوذ، أو المحسوبية أو الغش أو تقديم إكراميات للتعجيل بالخدمات أو عن طريق الاختلاس ،ينخفض مستواه في النظم التي تقيم فيها الضوابط المؤسسية بين الفروع الثلاثة للحكم : الجهاز التنفيذي، والجهاز التشريعي، والجهاز القضائي. وترتفع مستويات الفساد حيثما تضعف الآليات المؤسسية لمكافحة الفساد أو لا تُستعمل، ويُوفر تحكم الحكومة في الموارد الاقتصادية وتنظيمها بطريقة تفتح الباب على نطاق واسع للتكسب غير المشروع ، وفي الحالات التي يقل فيها الفساد، يكون للناس والشركات بدائل لتفادي المسؤولين الفاسدين، ويمكنهم الحصول على الانتصاف، و تقل فرص إستغلالهم. غير أنه في الحالات التي يستشري فيها الفساد قد لا تكون هذه البدائل متوفرة أو قد تكون ناقصة نقصا شديدا



ماهي الشفافية؟

هي ظاهرة تشير الى تقاسم المعلومات والتصرف بطريقة مكشوفة. فهي تتيح لمن لهم مصلحة في شأن ما أن يجمعوا معلومات حول هذا الشأن قد يكون لها دور حاسم في الكشف عن المساوئ وفي حماية مصالحهم. وتمتلك الأنظمة ذات الشفافية إجراءات واضحـــة لكيفية صنع القرار على الصعيد العام، كما تمتلك قنوات اتصال مفتوحة بين أصحاب المصلحة والمسؤولين، وتضع سلسلة واسعة من المعلومات في متناول الجمهور.

ماهي المساءلة ؟


يعرّف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المساءلة على أنها الطلب من المسؤولين تقديم التوضيحات اللازمة لأصحاب المصلحة (بما فيهم الافراد) حول كيفية استخدام صلاحياتهم وتصريف واجباتهم، والأخذ بالانتقادات التي توجه لهم وتلبية المتطلبات المطلوبة منهم وقبول (بعض) المسؤولية عن الفشل وعدم الكفاءة أو عن الخداع والغش.

ماهو نظام (PPBS)؟

هو نظام الموازنة والتخطيط والبرمجةPlanning Programming Budgeting System ويمثل هذا النظام في إعداد الموازنات الاتجاه الثالث من مراحل تطور الموازنة وهو اتجاه التركيز على التخطيط حيث تحول الاهتمام في هذه المرحلة إلى الجهات الإدارية العليا ومساعدتها في أدائها لوظيفة التخطيط واتخاذ القرارات المتعلقة بها بحيث أصبح الاهتمام ينصب على الربط بين الخطط الاقتصادية والاجتماعية في الدولة والسياسات المالية للحكومة عن طريق برامج ونشاطات تهدف إلى تحقيق الأهداف المالية والاقتصادية، وبالتالي فهو نظام يميل إلى المركزية في اتخاذ القرارات ، ويهدف هذا النظام إلى تسهيل مهمة متخذي القرارات في المراكز العليا عن طريق تحديد مدى الفائدة من البدائل المختلفة للوصول إلى الأهداف المطلوبة في ظل الإمكانات المتاحة، وطبق هذا النظام في البداية لدى وزارة الدفاع الأمريكية عام 1961، ويركز على تحقيق أهداف محددة بشكل كمي عن طريق التركيز على الوسائل والأساليب اللازمة لتحقيق هذه الأهداف مقارنة بالنتائج والتكلفة.

ماهو نظام احصاءات مالية الحكومة (GFS)؟

ان نظام ال( GFS ) هو نظام عالمي ويعني إحصاء مالية الحكومة ومن أهم مميزات هذا النظام أنه لا يقبل التضخيم في الميزانيات ويعتمد علي معلومات حقيقية في الإيرادات حتى يتحقق تدفق مالي واقعي ومنطقي يُعتمد عليه في جانب المصروفات،وهو نظام يعزز الشفافية في التعامل مع المال العام ويحدد بنود الصرف بطريقة واضحة وبنظام (الكود). كما هو نظام يعزز معاني المشاركة في كل مراحل الموازنة حيث تكون كل الإيرادات وكل المصروفات واضحة بكل تفاصيلها للمواطن عبر وسائل الاعلام.

حول موازنة البرامج

د. حسن بشير محمد نور

ذكرت وزارة المالية و الاقتصاد الوطني انها تنوي تطبيق " موازنة البرامج" للعام المالي 2010. لكنها بالمقابل لم تشرح للناس ما هي موازنة البرامج تلك و كيف تنوي تطبيقها ؟ سؤال اخر لماذا تطبيق موازنة البرامج للعام 2010م دون سواه من اعوام؟ كانت هناك دعوات خلال تسعينيات القرن الماضي و قبل اكتشاف البترول لتطبيق ذلك النظام. في ذلك الوقت كان الاقتصاد السوداني يعاني من مشاكل لا حصر لها و يمر بأزمات خانقة ابرز ملامحها مستويات التضخم الجامح غير المسبوقة في تاريخ السودان. عندها قام الدكتور عبد الحميد التجاني ( له الحق ان يذكر كلما ذكرت موازنة البرامج في السودان) بمجهودات كبري للترويج لذلك النظام. استقطب عبد الحميد في حملته تلك عددا من الاقتصاديين و الخبراء حام بهم علي مختلف ولايات السودان مقيما الورش و مقدما المحاضرات و السمنارات.

شاركت في تلك الحملة و قدمت ورقة عمل لورشة بولاية سنار كما سجلنا زيارة لنفس الغرض الي ولاية النيل الأزرق. لكن مجهودات عبد الحميد و فريق عمله لم تتوقف عند ذلك الحد فقد طاف معظم ولايات السودان الشمالي من الشرق و حتي الغرب. رغم ان مجهودات د. عبد الحميد كانت منطلقة من رؤية خاصة و نفذت علي ذلك الأساس الا أنها تمت بموافقة وزارة المالية الاتحادية و الوزارات في الولايات . لم تأتي تلك الجهود بنتائج تذكر علي المستوي العملي و طواها النسيان لتعود علينا وزارة المالية بالإعلان عن نيتها تطبيق ذلك النظام المنسي و لتقوم بإحيائه من جديد.

لكي يصبح من الممكن تطبيق نظام موازنة البرامج لابد من الالتزام بالأسس و المعايير الحاكمة له و ان يتم ذلك من اجل تحقيق الأهداف المرجوة من التطبيق و الا سيكون الحديث عن تطبيق النظام مجرد شعارات و تجريب بلا معني و لا مردود ايجابي يحسن من الأداء الاقتصادي و ينعكس بشكل ايجابي علي حياة المواطنين. خلال عقد الستينيات من القرن العشرين تم القيام بجهود كبيرة من اجل تطبيق مبادئ تحليل الجدوى الاقتصادية و ترجمتها في قرارات حكومية متعلقة بالإنفاق العام. بدأ ذلك النظام في الولايات المتحدة الأمريكية بتطبيق ما سمي ب " تحليل فاعلية التكلفة" و قد تم ذلك في وزارة الدفاع الأمريكية. بعد ذلك تم التركيز علي إدخال ما صار يعرف ب " نظام موازنة البرامج التخطيطية PPBS " . تم تطبيق ذلك لاحقا علي الحكومة الفيدرالية و كذلك عي مستوي حكومات الولايات و علي المستوي الحكومات المحلية.

ما تم تطبيقه في الولايات المتحدة الامريكية علي مختلف مستويات الحكم عبارة عن مواصلة لمجهودات سابقة هدفت الي تحسين وضع سياسات الإنفاق علي المستوي التنفيذي ، ذلك وفقا لعدد من القوانين الخاصة بمراقبة عمليات برامج الإنفاق مثل قانون ( Accounting Act ) لسنة 1921م ، ثم التركيز علي الكفاءة الإدارية حسب تقريرلجنة هوفر لسنة 1949م ( Hoover Committee ) الذي تمت الدعوة من خلاله الي ادخال " موازنة الانجاز Performance Budgeting ) و اخيرا قانون الموازنة و المحاسبة لسنة 1950م ( Budget and Accounting Act ) الذي ادخل تطويرا مهما علي محاسبة التكاليف و بياناتها. كل ذلك تم بالاعتماد علي ما تم تطويره لاحقا في وزارة الدفاع خلال النصف الاول من ستينيات القرن الماضي ، اذ تم تطوير طريقة اوسع نطاقا و اكثر انتظاما في تخطيط الانفاق علي مستوي الوزارة المذكورة. لحق ذلك جملة من الموجهات التنفيذية المتعددة ابتداءا من العام 1965م.

الجانب الرئيسي في نظام ( PPBS )هو ضرورة التركيز علي مجمل البرامج المدرجة في مشروع الموازنة. تقوم الموازنة العامة بالطبع بتخصيص موارد لمختلف الوزارات و المؤسسات لأغراض المراقبة التشريعية. مع ذلك فان برامج الانفاق يجب ان تشتمل بالضرورة علي مخصصات لمختلف الوزارات و المؤسسات الحكومية و يتم تنفيذها عبر تلك المؤسسات . يتطلب ذلك فحص البرامج و وحدات التخطيط عبر مختلف المؤسسات و مستويات الحكم. تضع بعض الدول كما حدث في الولايات المتحدة مثلا هياكل للبرامج تتضمن تجميع الأنشطة التي يتم تصنيفها وفقا للاهداف المشتركة. الهدف من كل ذلك هو الوصول الي رؤية حول النفقات الكلية المدرجة في البرامج و التي تظهر مكوناتها في في الاجزاء المختلفة من تبويبات و هيكل الموازنة المجازة و بفئات مختلفة من التخصيص. كل ذلك من المفترض ان يوفر قاعدة متينة قائمة علي التقويم الكلي للبرامج تمكن من تحليل المزايا المقارنة للبرامج البديلة " الفرص البديلة للبرامج" و للمبادلات " الخيارات " المحتملة بينها.

نستنتج من كل ذلك ان من اهم سمات نظام موازنة البرامج ( اذا كان المقصود بالطبع تطبيق النظام العالمي المعروف ب PPBS " ، من اهم سماته استمرارية تخطيط البرامج. لتوفير الاستمرارية علي الوزارات و الهيئات و المؤسسات الحكومية تقديم ليس فقط البرامج الجارية و انما خطط مالية تغطي سنتين سابقتين و و خمس سنوات قادمة. بذلك تصلح الخطط ان تكون مرشدا في توجيه مخصصات الموازنة السنوية و ربطها بالخطط و البرامج الأطول أمدا. لضمان كفاءة النظام لابد من استعمال تحليل دراسات الجدوي الاقتصادية للمشروعات بمختلف تعقيداتها مما يجعل تلك الموازنة اقرب الي " موازنة المشروعات " بدلا عن "موازنة البرامج". سؤال اخير هل الحكومة مستعدة و قادرة علي تطبيق ذلك النظام بالكفاءة اللازمة لنجاحه؟ و هل الأحزاب السياسية ملمة بطبيعة ذلك النظام؟ سنري ، و العبرة بالنتائج.


مقال منقول